زهية منصر
ناضل في الآفلان، انتمى إلى اليسار، تعاطف مع الإسلاميين وساند لويزة حنون
وطار كان صديق فرانسيس كومب وأول من فكر في تكريم محمد ديب
نحاول من خلال شهادات أدلى بها المقربون من أب الرواية، الراحل الطاهر وطار، الكشف عن الوجه الآخر لأب الرواية الجزائرية، إذ لم يكن يهمني كثيرا أن أكتب عن الطاهر وطار المبدع الكبير والمناضل العنيد ولا صاحب الانجازات الثقافية الكبرى، لأن مساره معروف وهناك نقاد مؤهلون للحديث عن هذا الجانب ولكن كان يهمني كثيرا أن أكتب عن الطاهر وطار الإنسان البسيط القريب من البسطاء
….
-
عن وطار الذي يعرفه سكان شارع رضا حوحو حيث بيته الثاني الجاحظية، عن وطار الذي يخاطبه صاحب المقهى الشعبي في حي شاراس بالسي الطاهر ويعرف أنه أحد القامات الثقافية الكبيرة لهذا البلد، رغم أنه لم يقرأ له عملا واحدا، عن الطاهر وطار الذي يخاطبه حارس حظيرة السيارات بنفس الحي بعمي الطاهر وقد يمازحه ويطلب منه مساعدة، لأنني كنت دائما أؤمن أنها صداقات وتقديرات شفافة خالية من النفاق والمزايدة وإنصافا لمبدع كبير ألصقت به تهم كثيرة وتطاول عليه بعض من لم تكن لهم شجاعة الوقوف في حضرته يوم كان حيّا يرزق.
-
من المعروف عن الطاهر وطار أنه كان شخصا متكتّما جدا ومتحفّظا جدا ومن الصعب أيضا معرفة ما يخبئه وما يفكر فيه حتى بالنسبة لأقرب المقربين منه، لأنه عادة كما يقول الناقد سعيد بوطاجين الذي اشتغل معه منذ 20 عاما في الجاحظية »كان حاد الطباع ولا يكشف عن آرائه الحقيقية في الكثير من أمور السياسة والفكر ومن ثمة من الصعب أيضا على أيّ أحد الادّعاء بمعرفة عمق هذه الشخصية »، فهو الذي قال عن نفسه في مذكراته « أنه حزب وحيد الخلية »، كان يخشاه من هم في المعارضة، ظنا أنه ينتمي للسلطة، ويهابه من هم في السلطة على أساس أنه من المعارضة. ويروي عنه معاونوه في الجاحظية، أنه كان إنسانا صارما في العمل ومتطلبا، لكن على قدر صرامته فهو شخص أنساني جدا وينسى سريعا، إضافة إلى أنه شخص غير حقود.
-
كانت كريمة تتحدث والدموع تملأ عينيها « لا أستطيع أن أنسى أبدا أن عمي الطاهر جعل الجاحظية كلها تحزن لحزني، بحيث قام الراحل ولمدة 3 أيام متتالية ببث القرآن الكريم في مقر الجمعية عندما توفيت إحدى قريباتي، تواصل كريمة فتقول: كان عمي الطاهر حسّاسا جدا، منه تعلمنا التواضع والدبلوماسية، رغم أنه كان شخصا صداميا وصريحا أحيانا لحد الجرح، لكنه طيّب جدا يفرح لفرحنا ويحزن لحرننا، كان يعتبر الجاحظية بيته الثاني، أذكر أن « إمايلاته: الأخيرة قبل وفاته كان يحدثنا على اعتبار الجمعية أمانة وعلينا صيانتها. في آخر زياراته للجمعية كان متعبا جدا، خطه لا يكاد يفهم من أثر التعب والمرض، لكنه كان يقاوم وظل يقاوم إلى آخر لحظة « كان الطاهر وطار يملك حسّا ثاقبا وبحكم عمله في أجهزة الحزب العتيد وعمله النضالي أهله لمعرفة كل شبر من ربوع الوطن وكان كثيرا ما يدقق مع ضيوفه في أسماء المناطق والقرى والمداشر التي يأتون منها وكثيرا ما كان وطار يستقبل الكتاب الشباب في مكتبه وهو الذي اتهم بمعاداة الكتاب الشباب، لم تشهد الجزائر كاتبا ولا مثقفا ساعد الشباب مثله، إلى درجة أنه كان ينفق من ماله الخاص لمساعدة بعض الكتاب والشعراء الشباب وتدخل في غير ما مرة لدى المؤسسات الإذاعية لتسوية وضعية بعضهم، رغم ما قد يكلف كاتبا مثله كان دائم الحرص على حريته واستقلاليته وكان يفرق بين دوره ككاتب مستقل ودوره كرئيس جمعية وهذا ما كان يجلب له الكثير من الأعداء والخصوم أيضا، حيث كان يمنح بعضهم ثمن تذكرة القطار أو الحافلة وكنت دائما أتعجب من قدرة وطار على سبر أغوار النفوس والاطلاع على ما وراءها، ترى كيف كان يعرف أو يشعر أن الجالس قبالته لا يملك ثمن العودة إلى قريته؟ وكنت أكتشف في تلك الجلسات في مكتبه قدرته على معرفة التفاصيل وولعه بها أيضا في كتاباته…
-
وهنا يروي فوزي بولحية، أحد الجاحظيين القدماء، أن وطار كان يصطحب إلى مصيفه بشنوة بلاج كتبا ومراجع كثيرة، ولما سُئل عن السبب، قال إنه يهتم كثيرا بالتدقيق في الأحداث التي يكتب عنها. وما لا يعرفه ربما الكثيرون، أنه كان يرفض أن يصوم رمضان دون أن يكون لسكان حي شاراس نصيب من ماله، حيث كان يكلف بعض الجاحظيين بتوزيع مبالغ معينة على بعض المحتاجين والفقراء وكثيرا ما كان يستضيف البعض أيضا في بيته أو في مكتبه بالجاحظية في الأيام العادية، حيث كان عمي الطاهر من النادر جدا أن يتناول غذاءه لوحده، إذ كان دائما ثمة مدعو لمائدته؛ صديق كاتب أو إعلامي أو حتى ضيوف عاديين جدا. كان « عمك الطاهر » يدعوهم بتواضع إلى غذائه اليومي، إذ كان رحمه الله يستقبل الكل من الكتاب والإعلاميين وعابري السبيل بتواضع كبير وبكرم الشاوي الحر. وهنا يروى أحد الجاحظين قائلا: « وطار معروف أنه كان عارفا بأغوار النفس البشرية وكان يتجنب إحراج من يقدم له المساعدة، حيث فتح الجاحظية لمساعدة الكل، حيث فتح أروقة الجمعية مثلا لرسام مشهور عندما كان في أزمة، كما ساعد المرحوم أبو الياس لما كان في دار العجزة من ماله الخاص. وكان مولعا بالصيد حيث أطلق على مركبه اسم « مداور وش »، تيمّنا بقريته وكان كل أهل شنوه يأكلون من سمكه الذي كان يوزعه على أهل المنطقة الذين كانوا يلتفون حوله ويحدثهم بالشنوية، حيث كان وطار حريصا على التواصل مع البسطاء على طبيعتهم بدون تكلف، كان الناس البسطاء مصدر الهامة وإبداعه، إذ كان الراحل دائم الاهتمام بالطبقات البسيطة ويستمع بتمعن لأي حديث يدور حوله أو بحضرته، لدرجة أنه كان يلتقط سؤال محدثيه بتمعّن وإنصات كبير قبل أن يجيب وقد لا يجيب في حينها ويترك الانطباع لدى محدثيه، إنه لا يرغب في الإجابة لكنه لا ينسى وقد يعود للأمر ولو بعد أشهر. وهكذا كان عمك الطاهر يخاطب أصدقاءه بكلمة « اخاليس » التي تقال للأصدقاء المقربين وتدل على مدى الثقة الموجودة بين الشخصين.
-
هذا القرب من الطبقات البسيطة جعلت من الطاهر وطار ظاهرة غير قابلة للتكرار في الثقافة الجزائرية، فهو الكاتب الذي يعرفه الكل من بائع الخضار في شارع شراس إلى حراس حظيرة السيارات إلى عمي إبراهيم صاحب المقهى، لكن لم يقرأ له ربما الكثير من الناس، لكن يقدرونه على أنه قامة ثقافية كبرى وعلى هذا الأساس يذكره كل من يرتاد الجاحظية، إذ ما يزال كل من عرفه يبكيه كأنه شيّع بالأمس فقط. يتحدث فوزي بولحية فيقول: « تحديت عمي الطاهر وقلت له لن أبكيك يوم ترحل، لأن وطار كانت دمعته صعبة جدا لم يبك حتى حين رحيل والدته ولم يرث لا جاووت ولا يوسف سبتي، رغم أنهما كانا من منخرطي الجمعية وظللت أتحدى وطار حتى دخلت إلى بيتي، فخاطبتني زوجتي قائلة: فوزي من أهدانا هذا القدر وكانت تطبخ في « كوكت مينوت » التي أهدانا إياها الراحل يوم زواجنا، فانفجرت باكيا مثل الأطفال وأدركت أن وطار هزمني وتحداني في عقري داري »
-
كثيرا ما اتهم وطار بعدائه للمفرنسين، لكن المقربين منه يؤكدون أن هذا كان محض ادّعاء، حيث يؤكد فوزي بولحية أنه تعلم العربية بفضل الطاهر وطار الذي كان منفتحا على الآخر وكان يتحدث الفرنسية في جلساته وقد كان صديقا للكاتب الفرنسي فرانسيس كامب وقد ترجم له أحد كتبه. ويؤكد السعيد بوطاجين، أن وطار كان ضد الفرانكوفيليين وليس ضد الفرنسية، لأنه كان في جلساته يتحدث الفرنسية ونشر في جمعيته كتبا بالفرنسية ونائبه في الجمعية يوسف سبي كان يكتب بالفرنسية، لكنه كان مع اللغات المفرغة من الاديولوجية، كان ضد العربية وضد الأمازيغية في ثوبهما الاديولوجي كان ضد من يعتقدون أنهم ملكيون أكثر من الملك، كان أول من فكر في تكريم محمد ديب في الجاحظية وهو كاتب مفرنس. وطار هو الكاتب الذي خدم الأمازيغية بعيدا عن الخطاب الاديولوجي عندما أوفد صحافيا من القناة الثانية في مهمة إلى الخارج، لأن المقام كان يستدعي إيفاد شخص واحد فقط، وفضل أن يبعث بصحافي من القناة الثانية، لأنه يمكنه أن يراسل المحطتين في نفس الوقت، وكان هذا الأمر لأول مرة يحدث في تاريخ الإذاعة. ويضيف الصحافي المعروف، هشام عبود، الذي ذكر هذه الحادثة في سلسلة من المقالات سبق أن نشرتها الشروق عن مسار وطار الإنسان والمبدع، يؤكد فيها أن عدم رثاء وطار للراحل الطاهر جاووت لم يكن نابغا من موقف معادي من وطار لكنه رد فعل كاتب حساسا من الموقف الذي تعرض له وطار في باريس عندما عاد من ملتقى أدبي هناك، حيث فوجئ بالمنظمين هناك وهم يوزعون على المشاركين كتيبا يحمل أسماء كتاب جزائريين بالفرنسية فقط وتم إقصاء المعربين، ولما سأل الجهة المنظمة قالوا له، أن الطاهر جاووت هو الذي كان مكلفا بالموضوع، ومن هنا جاء قول وطار إن موت جاووت يمثل خسارة لفرنسا ولعائلته، وكان يقصد اللغة التي يكتب بها وليس تجريد الكاتب من جنسيته وهو نفس ما أكده بولحية فوزى، قائلا: « إن جاووت كان أحد مؤسسي الجاحظية مع واسيني لعرج، فوطار خدم العربية لما كان مديرا للإذاعة وله يعود الفضل في تأسيس إذاعة القرآن. ويضيف أحد المنسيين للجمعية، عمي الطاهر كان صريحا وصراحته كانت تجرح الكثيرين، لكنه كان يعود في كل مرة ويعتذر عندما يدرك أنه أخطأ في حق أحدهم ». وطار كان يكره المتزلفين ويحب الصراحة كثيرا، يقول بوطاجين، « كان وطار حاد الطبع وغالبا ما يدخل في مناوشات لكنه شخص لا يحقد وغالبا ما كان يعترف أنه أخطأ عندما يتجاوز حدود اللباقة، واعترف أنه أخطأ في حق واسيني وربيعة جلطي واعتذر للحاجظيين والعاملين معه وبعض مواقفه الحادة صادرة عن شهرته ومكانته، لأن بعض الشباب حاولوا تجاوزه وإقصاءه ».
-
من التهم التي ألصقت أيضا بوطار أنه غير اتّجاهه وخان اتجاهه عندما ناصر الفيس وتعاطف مع الإسلاميين ولكنها المواقف التي كان دائما وطار يقول فيها « عمك الطاهر ديمقراطيي لا أستطيع أن أقف ضد خيارات الأمة »، فهو الذي وقف ضد توقيف المسار الانتخابي، كما وقف ضد انقلاب 19 جوان 1965 لكنه لم يكن يوما مع خيار العنف، يؤكد بوطاجين: « حدثني مطولا بعد صدور روايته الثلاثة بعد وقف المسار الانتخابي قال لي: « أصدقائي تخلوا عنى بسبب موقفي من الإسلاميين وكان يقصد التيار الشيوعي ولكن أضاف عمك الطاهر ديمقراطي ».
-
مواقفه هذه كانت ناتجة عن علاقته المركبة، كان ضد وقف المسار الانتخابي ومع خيار الأمة وخيارات الشعب، لكنه كان ضد العنف كما أشيع عنه في الصحف « لا أستطيع أن أقف ضد خيارات الشعب هو نفسه وطار الذي بقي في عز سنوات الإرهاب عندما هرب أغلب المثقفين إلى الخارج بقي مرابضا في شارع رضا حوحو في زمن الموت »، يقول فوزي بولحية، « كان كثير التحفظ في زمن الإرهاب وكثيرا ما كان يستغل خبرته في الثورة ليحتمي من الإرهاب »، كان دائما يقول: « أخاف أن أذهب ضحية غبي » ويوما قال لي وطار في جلسة شاي بالجاحظية، كنت أعلم أننى كنت مرشحا للموت لما أحدهم قال كيف تقول عن عمى الطاهر أنه شيوعي ملحد، فهو الذي أسس لنا إذاعة القران الكريم ». ويؤكد هشام عبود أن وطار رفض الكتابة في تلك المرحلة العصيبة من حياة الجزائر وقال: « لا أشرّف هذه المرحلة بكتاباتي ولا أشرفهم بمس شعرة منّي بسبب مواقفي ».
-
وقد ظلت علاقة عمي الطاهر بالتيار الإسلامي محل أخذ ورد وربما تعجب الكثيرين، كيف يمكن لشيوعي ناضل في جبهة التحرير أن يناصر الفيس، لكنه تحدث مطولا عن تلك العلاقة التي أرجعها « لكون عمك الطاهر ديمقراطي لا يستطيع أن يقف ضد خيارات الأمة ». ويؤكد هشام عبود في مقالاته، أن وطار حضر الاجتماع التأسيسي لنقابة العمل الإسلامي بنادي عيسى مسعودى باللاذعة الوطنية، كما كشف أحد المقربين من الراحل بالجاحظية، أن وطار تلقى دعوة من قادة الحزب المحل للانضمام إلى الفيس، لكنه رفضها وظل متسامحا منسجما مع خيارات الشارع الجزائري بحيث كان أحد المتعاطفين مع حزب لويزة حنون، حيث أعلن مساندته لحنون في الانتخابات الرئاسية السابقة، رغم أنه لم يحضر ولا مرة اجتماعات الحزب والمناسبات التي كان يُدعى إليها كعضو شرف ولا أحد يعرف، هل حقا وطار كان متعاطفا مع الحزب أو مناصرا له، لكن الكثير من المتتبعين يرجعون تلك العلاقة إلى التقارب الموجود بين أطروحات الحزب الشيوعي وحزب العمال وهي نفس المبادئ التي نادى بها الفيس في بداياته والقائمة أساسا على استقطاب الشارع وتبنى هموم الطبقات البسيطة من الناس، إذ كان وطار يرى أنه لا معنى لوجوده مبدعا ومناضلا إذا لم يفتح صدره للمعارضة ولا معنى للأفكار التي لا تتناطح لتنتج لهذا كان شعار الجاحظية « لا إكراه في الرأي ».
-
ظل الطاهر وطار شخصية إشكالية وعصيّة على الفهم وبموته فقدت الساحة الثقافية الجزائرية بوصلتها، إذ لم يكن وطار مجرد روائي أو مناضل شرس وحاد الطباع لكنه ظل الترمومتر الذي يقيس حرارة الساحة الثقافية ويحدد تجاذباتها لذا كانت مواقفه كافيا لمعرفة اتجاه الرأي العام الثقافي ومواقف السلطة تجاه بعض الأحداث وربما صعوبة شخصية وطار هي التي جعلت منه شخصية إشكالية في علاقاته مع الكثير من القيادات السياسية في البلاد، حيث وقف ضد انقلاب بومدين في 1965 ولكن بن بلة قال عن وطار في مذكراته إنه « شخص وصولي » وهو الاستفسار الذي لم يجب وطار عنه في حياته، رغم أن الكثير من الأصدقاء طرحوا عليه السؤال مرارا وتكرارا والكثيرون كانوا ينتظرون أن يتحدث وطار في مذكراته عن أسرار تلك العلاقات الشائكة، غير أن ذلك لم يحدث، حيث يؤكد أحد أصدقائه المقربين أن وطار حدثه في رحلة إلى البرج عن أسرار كثيرة كان سيكتب عنها في مذكراته من قبيل خلافه مع بومدين ونظرته لبوتفليقة وكيف ذهب إلى رئاسة الجمهورية لمقابلة بومدين وكيف تقبض عليه الحرس الشخصي للرئيس قبل أن يتدخل الرئيس شخصيا ويقول لهم، اتركوه إنه صديقي، وكيف توسط بومدين لإصدار « الشهداء يعودون هذا الأسبوع ». ويضيف المتحدث، أن وطار حدّثه مطولا عن علاقته مع بومدين التي تميّزت بمرحلتين: مرحلة ما قبل الانقلاب ومرحلة ما بعد الانقلاب.
-
كيف كان وطار ضد السياسة المنتهجة، كيف كان منخرطا في جبهة التحرير وكان في الوقت ذاته يلتقي بأعضاء من « الباكس » ويقيم علاقات مع بن بلة، وفي ذات المذكرات التي لم تصدر ـ يؤكد نفس المتحدث ـ أن وطار نظم رفقة بعض الأسماء وقفة أو ما يشبه الاعتصام في ساحة بور سعيد احتجاجا على انقلاب 19 جوان وفي « مقهى طونطو فيل ». أزعج عميمور ببعض الكلام، فقام هذا الأخير بكتابة تقرير لبومدين ضد الطاهر وطار. ولعلّ الكثير ممّن كانوا يتهمون وطار بموالاة النظام لم يطلعوا جيدا على روايته « الحواة والقصر »، التي كانت موقفا شجاعا جدا ضد انقلاب 1965 كما كانت « عرس يغل » رواية ناقدة للسلطة بشكل لم يجرؤ على فعله حتى كتاب التعددية.
-
وطار الذي عرف عنه أيضا ولعه بالتكنولوجيا وبكل ما هو جديد، بحيث كان أول من عرب الكومبيوتر في الجزائر في الثمانينيات وسبق أن عير بهذا الانجاز وهو المعروف عنه حبه الكبير لكل ما هو جديد، خاصة في عالم التكنولوجيا. وعرف عن وطار أيضا حبه للنكتة وقد ظل كذلك إلى آخر حياته، حيث يروي محمد بغداد أحد المقريين جدا أنه ظل محافظا على حسن النكتة حتى آخر لحظة من حياته « وطار تحدى الموت ومات واقفا ولم يستسلم حيث قضيت يوما معه قبل وفاته ووجده كما عهدته ضاحكا بشوشا ينكت على أبسط الأمور. في نفس السياق، كتب هشام عبود عن حس التنكيت عند وطار، حيث ذكر أنه لما زاره في باريس في أيامه الأخيرة وجده يقاوم المرض ويصر على الكتابة بعد خروجه من غرفة العلاج الكيميائي يلجأ للكتابة متحديا الألم ولما خاطبه الكاتب قائلا، أرى أن شعرك لم يؤثر عليه العلاج الكيميائي فأجابه وطار بحس النكتة « واش اجيك من راس الشاوي ».
27 août 2011
LITTERATURE