الحياة السرية للجنرال العربي بلخير(4) :يوم أن سقط حمروش |
الاثنين, 01 فبراير 2010 21:08 |
كان مولود حمروش يدرك جيدا أن هامش المناورة بدأ يضيق وينحسر، كما كان يدرك أنه يلعب لعبة خطيرة قد تقضي على مستقبلة السياسي·· كان يدري أن القدر رمى به وفي وقت لم يكن يتوقع سرعته في قلب التاريخ، كل الأبواب كانت مشرعة أمامه، بعضها قد يفتح له الطريق نحو المجد، ونحو خلافة الشاذلي بن جديد، وفي الوقت ذاته ترويض هذا المارد الذي خرج من غياهب الصمت والسكون الخادعين، لكنه مارد بدون رأس وبدون قوة حقيقية قادرة على الصمود، هكذا كان يعتقد رئيس حكومة الشاذلي بن جديد في قوة جبهة الإنقاذ ··
بقلم: أحميدة عياشي
إنها قوة، كان يقول ذلك لمقربيه، سريعة الانطفاء، فهي تفتقر إلى الكوادر الحقيقيين القادرين على إدارة سفينة الحكم، وتفتقر إلى الاستراتيجية، وإلى القوى المساندة لها إقليميا ودوليا ·· كان مولود حمروش يراهن على الفرنسيين، وعلى اللوبي اليهودي بفرنسا، وذلك من خلال العلاقة التي يقيمها بعض النافذين الذين جلبهم إلى حكومته مثل غازي حيدوسي وعدد من المتعاونين والمستشارين في المجال الاقتصادي ·· وفي الوقت نفسه كان حمروش يغازل الأمريكان، وقد كانت رسالته قوية باتجاههم عندما عقد اتفاقا سريا مع الأفامي لجدولة الديون الجزائرية ·· وكثيرا ما كان يصرح وفي العلن أن على الجزائريين أن يعدو أنفسهم لشد الحزام، ولسنوات فيها الكثير من الألم والدموع والصبر ·· شعر حمروش أن الشاذلي قد أصبح وحيدا، وأنه لا يغامر بالتخلي عنه، فالتخلي عنه في مثل هذه الظروف يعني أنه اختار النهاية ·· أما الدكتور عباسي الذي كان يجلس قبالة رئيس حكومة الشاذلي بن جديد، فقد كان هو الآخر معلقا بين عالمين، عالم المجد وعالم الانحدار نحو جهنم ·· وكان يشعر في أعماقه بما كان يشعر به مولود حمروش، كل واحد منهما وجد نفسه مقذوفا به إلى الواجهة ليلعب لعبة الحياة أو الموت .. فالدكتور يريد رأس حمروش وبن جديد حتى تتعبد له الطريق نحو قصر المرادية، ومولود حمروش يريد ترويض هذا المارد الذي خرج من الزجاجة ولا يدري، الآن، كيف يعود إليها من جديد ·· غريمان لكنهما ألقا نفسيهما مضطرين للمداورة، وأن يشد كلاهما في يد الآخر حتى تزول هذه العاصفة الرعناء التي قد تلقي بهما خارج اللعبة ·· في ذلك اللقاء الذي جمع حمروش ومعاونوه بالدكتور عباسي وعلي بن حاج، كان الكلام قليلا ·· فلقد تحدث حمروش وعباسي مدني باقتضاب شديد، بينما قعد الجنرال إسماعيل العماري يراقب في صمت مجرى التفاوض الحذر وذي الصبغة التقنية حول الأماكن المسموح فيها لتجمعات أنصار الإنقاذ الذين أعلنوا الإعتصام ·· قال مولود حمروش، وهو يحاول استجماع قوته وتوازنه، للدكتور عباسي »أنتم تتحملون مسؤولية ثقيلة يا شيخ » ·· وتلقى الدكتور عباسي الرسالة عشرة على عشرة ·· فالشيخ الذي انخرط في لعبة الإضراب الشامل والمفتوح كان يعلم أن الجماهير التي كان يتحدث عنها ويفتخر بوجودها إلى جنبه كانت مخترقة بمجموعات مقاتلة من الأفغان الجزائريين ·· وكانت هذه المجموعات التي حولت حالة الفوضى والتعفن لصالحها بحيث أصبحت سيدة الشارع، لا تكن أي ود للدكتور عباسي مدني ولا للشيخ الشاب علي بن حاج برغم راديكالية خطابه ·· لم تكن هذه المجموعات القادمة من أفغانستان تؤمن إلا بشيء واحد، وهو الجهاد ·· كانت التقارير التي تحصل عليها مولود حمروش تؤكد أن الدكتور عباسي غير قادر على السيطرة عليها، وهذا ما جعل رئيس الحكومة مولود حمروش يبذل ما في وسعه ليخفي ذلك على الرئيس الشاذلي بن جديد الذي وضع فيه كل ثقته ·· لكن مولود حمروش كان يدري في نفس الوقت أن مصالح الأمن على علم بذلك، وأن الجنرال العربي بلخير سيسعى لتوظيف مثل هذه المعلومات ضده لدى الشاذلي بن جديد ·· وقال مولود حمروش وهو يحاول التحكم في ضبط النفس »لا بد أن نتعاون لننهي الاضراب ونعمل على إشاعة التهدئة، وهذا في صالحنا وصالحكم يا شيخ·· »، لكن الدكتور عباسي الذي راح يحدق بمكر وبعينين متسعتين في وجه مولود حمروش الذي بدا منهكا وفي غاية الإعياء قال »لا بد أن تبذلوا ما في وسعكم إن كنتم تريدون الخير لهذه الأمة » وعندئذ وافق حمروش، ودون مراوغة، على تخصيص أربع ساعات للتجمع وعلى عدم التمسك بضرورة إيقاف الإضراب فورا· إنفض الاجتماع، وكان الدكتور عباسي يشعر بالرضا وهو يغادر مبنى قصر الحكومة، كان سعيدا بالنقاط التي أحرزها في معركته ضد تشدد السلطة، إتصل بمعاونيه الذين أمرهم بإرسال تعليمة قام بتحريرها إلى كل أعضاء المكاتب التنفيذية للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وكانت فقرتها الأولى كما يلي »الإسلام من المسجد إلى الشارع .. دولة إسلامية بلا تحالف ولا تخالف ·· إنه قيام الدولة الإسلامية بعد إضراب مماثل لإضراب الشعب الجزائري لعام 1957 » وأمام تلك الجموع الملتهبة من الأنصار التي كانت تنتظر منه خطاب النصر قال الدكتور عباسي مدني مخاطبا إياها »·· إلتقينا اليوم، قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ ورئيس الحكومة، لقاء أولا في نطاق مستجدات الأحداث، لم تكن هناك نتيجة، في انتظار لقاءات على مستوى أعلى، لكننا اتفقنا على ما يلي: ستكون التجمعات والمسيرات دون عنف، لا من طرف الجبهة الإسلامية والشعب والمضربين ولا من طرف الحكومة، لا حق للطرد ولا فرض على أحد، هل جيء بكم قهرا إلى هنا ·· إذا لم يحصل الاتفاق على القضايا المطروحة، وهي قضايا جوهرية، فسيبقى جو الأمن وجو الإطمئنان هو السائد ·· ولا تفوتني الفرصة كي أنوه بموقف جيشنا، الجيش الجزائري البطل لموقفه الحيادي، لأنه لا يتدخل إن شاء الله، ونرجو أن يكون موقف الدرك والشرطة نفس الموقف بإذن الله » .. وما أن انتهى الدكتور عباسي مدني من كلمته حتى أخذ، علي بن حاج الذي بدا هادئا، الكلمة وقال بصوت جهوري »لقد توصلنا إلى نقطة هي في الحقيقة إقامة الحجة، وبيان الحجة أن المسلمين باستطاعتهم أن يعبروا عن معتقداتهم، وعن آرائهم بكل حرية وسلام، نحن التزمنا طابع السلم في مسيراتنا، فعلى النظام أن يسلك نفس المسلك لأن الذي يحسن الحديث عن نحن الأن تحدث عن السلم ولكن بالمقابل لا نريد استفزازا ولا احتقارا، لأنه يمكننا أن نخاطب غيرنا بلهجة غير التي نخاطبهم بها الآن، هذه نقطة اتفاق والحمد لله رب العالمين ·· نقطة أخرى بيننا أننا لن نكف عن الإضراب، إلا إذا كانت هناك ضمانات تضمن لنا دخول البرلمان ورؤسنا مرفوعة، ولن نتنازل عن ذلك ما حيينا، هذه أيضا نقطة اتفاق ·· بقي أن أقول كلمة أخرى أن رئاسة الحكومة لا تملك القرار، وإنما هناك أيادي تملك القرار في جهات أخرى، وأنا أقول ليس من حق رئيس الجمهورية أن يترفع عنا ويترفع عن إرادة الأمة ·· إنهم مازالوا يظنون أننا لا نمثل إلا جزءا يسيرا من الشعب، ولذا فنحن لازلنا نصر على مواصلة هذه التجمعات، وعلى هذه المسيرات في إطارها الأول، ولذلك يا معشر المسلمين، هناك العشرات، مئات الآلاف، هناك الملايين الآن في الشوارع، وملايين المضربين عن العمل، ويا عباد الله إن دولة الإسلام لا تبنى بالشعارات، وإنما بالتضحية، إننا نحتاج إلى مزيد من الجد والتضحية »· إزدادت شكوك الجنرال بلخير تجاه مولود حمروش، واعتبر أن الإتفاق غير المكتوب بين مولود حمروش وقادة الإنقاذ يدخل في »الخطة الجهنمية » التي يقوم بإعدادها كمرحلة أولى من استراتيجيته المعقدة والطويلة النفس، وهي تسعى إلى تحقيق ثلاثة أهداف رئيسية، الهدف الأول عزل الرئيس ورهنه لدى مجموعة حمروش، الهدف الثاني إبعاد الأمين العام عن الرئاسة وذلك من خلال تأليب الرئيس ضده بعدما بدأت تساوره بعض الشكوك تجاهه، لكنه لم يقو على أن يفصح عنها بشكل مباشر، أما الهدف الثالث فهو العمل على إبعاد عدد من القيادة العسكرية، التي أصبحت تأخذ بزمام الأمور وتعويضها بوجوه عسكرية موالية لحمروش، وذلك حتى يمكن إقامة تحالف مع جبهة الإنقاذ بعد إضعافها واستنزافها وترويضها على المدى المتوسط بوجوه أكثر اعتدالا وأقل راديكالية· أطلع الجنرال العربي بلخير الرئيس الشاذلي بفحوى ما ألقاه كل من عباسي مدني وعلي بن حاج أمام الجموع الغفيرة في ساحة أول ماي .. ثم وضع أمامه التقارير التي تتحدث عن التدهور الأمني والسرعة المتزايدة في انفلات الأمور ·· لم ينبس الرئيس الشاذلي بن جديد ببنت شفة، وبدا وكأنه غارق في تأملات هي أشبه بالكوابيس التي بدأت تقض مضجعه وتحرمه من النوم ومن التردد على قصر المرادية ·· بدأت شكوكه تزداد، ولم يعد يثق في محيطه، وهذا ما تركه يقضي معظم وقته في إقامته بزرالدة ·· خاطب الجنرال العربي بلخير وهو شاحب اللون، هل انتهيت من إعداد الخطاب؟! فقال العربي بلخير »الخطاب جاهز، لكن إن سمحت سيدي الرئيس، فأنا أريد تنقيحه للمرة الأخيرة ». كان الخطاب الذي اشتغل عليه الجنرال العربي بلخير ومعاونوه موجه للأمة بمناسبة انطلاق الحملة الإنتخابية للتشريعيات ·· وجاء فيه ما يلي »مع الأسف نرى في المدة الأخيرة بعض العناصر تتسبب في توتر المجتمع الجزائري، وتغليط مناضليها الذين هم مواطنون مخلصون، هذا العمل لا يخدم الجزائر، ولا مصلحة الجزائر، ويتسبب في البلبلة والتشويش، نطلب من كل الأطراف المعنية، من قريب أو بعيد، أن تساهم في تهيئة الأجواء المناسبة حتى تجري الانتخابات في جو سليم يسوده الهدوء والأمن والاستقرار »· شعر مولود حمروش، وهو يتابع خطاب الرئيس الموجه للأمة رفقة مقربيه أن الجنرال العربي بلخير يريد أن يوجه له الضربة القاضية، فابتلع غضبه، وخاطبه صديقه وذراعه الأيمن وزير داخليته محمد الصالح محمدي، أن هذا الرجل سوف لن يتوقف عن المناورة، ولن يرتاح له بال حتى تسقط الحكومة، ثم أشعل سيجاره الكوبي وهو يواصل كلامه »سنرى ·· سنرى »، أما الجنرال العربي بلخير فلقد كان رفقة مجموعة صغيرة بالرئاسة إلى ساعة متأخرة من مساء ذلك اليوم، وكانت هذه المجموعة، المتابعة للوضع الأمني دقيقة بدقيقة ولحظة بلحظة، تتكون من الجنرال خالد نزار وزير الدفاع والجنرال عباس غزيل والمستشار في الرئاسة آيت شعلال والأمين العام لجبهة التحرير الوطني، ليلتحق بهم بعد ذلك مولود حمروش الذي كان يبدو على ملامحه غيظ وقلق شديدين .. كانوا ينتظرون لقاء مع الدكتور عباسي مدني كان مبرمجا بعد خطاب الرئيس، لكن زعيم الإنقاذ ألغى اللقاء واعتبر أن خطاب الرئيس كان مستفزا ولا يتضمن أية رسالة تساعد على التهدئة وعلى إشاعة الإطمئنان ·· في ذلك المساء قال مولود حمروش لأحد مقربيه »لقد وضع سي العربي الطعم لعباسي مدني، وهذا الأخير إبتلعه بكل غباء وسذاجة ·· هذا الشيخ المعتوه سيطربق البيت على كل من فيه·· ». بعد الخطاب الموجه للأمة من قبل الرئيس الشاذلي، إتجه الوضع نحو الانحدار، وكان عباسي، الذي شعر بالإهانة من مولود حمروش، غير مستعد للوقوف أمام غليان الأنصار » وقد اختار طريق التصعيد ·· فكر مولود حمروش أن يحاول مرة ثانية ربما يستطيع رد الصاع صاعين للجنرال بلخير، فأوعز لوزير داخليته أن يحاول استدراك الوقت من خلال اتصال جديد مع الدكتور عباسي ·· لكن الدكتور عباسي الذي وافق على مقابلة محمد الصالح محمدي وزير الداخلية في منزل إبنة عباسي بالأبيار قال بلهجة غاضبة وهو يخاطب الذراع الأيمن لمولود حمروش »فات الأوان ·· لم يعد الكلام الآن مجديا حول التهدئة·· لقد هبت رياح الانتخابات التشريعية والرئاسية بقوة ·· وإننا لعلى أبواب نصر عظيم بإذن الله·· » .. حاول وزير داخلية حمروش أن يخفف من غضب الشيخ، ويثني من عزمه على السير في الطريق الخطير قائلا »إنه الإضراب يا شيخ وسنتعهد تعهد رجال وشرف في أن نعيد النظر في قانوني الانتخابات وتقسيم الدوائر الانتخابية ·· »، أجاب الدكتور عباسي وكأنه لم يستمع إلى توسلات الوزير »كل تدخل للشرطة ورجال الدرك في الشوارع ستكون عواقبه وخيمة »· في اليوم التالي، إتصل الرئيس الشاذلي بن جديد من مقر إقامته بزرالدة، بينما كانت معنوياته في درجة كبيرة من الإنحطاط، وسأل الجنرال العربي بلخير عن تلك الوساطات التي لجأ إليها العربي من أجل إقناع الدكتور عباسي بالعدول عن ذلك المسلك الخطير الذي اختار السير عليه .. فأجاب، الجنرال، الرئيس·· »كل المحاولات باءت بالفشل ·· إن السيد عباسي مصر على انتخابات رئاسية مسبقة متزامنة مع التشريعيات، وهو يطالب برأس سي مولود، ويقترح أن يكون الدكتور طالب الإبراهيمي خليفة لسي مولود »، وسأله الشاذلي »ومن ذا الذي نقل لك هذه الرسالة » ·· فقال الجنرال العربي بلخير » سي عبد العزيز بلخادم، هو من نقل إلي رسالة عباسي.. »، إستشاط مولود حمروش غضبا عندما نقل له وزير داخليته فحوى ما جرى بينه وبين عباسي مدني، وعندئذ أمر مولود حمروش وزير داخليته بأن ينشر بلاغا تضمن تنديدا بالجبهة الإسلامية للإنقاذ، جاء فيه ما يلي: »الذين يبحثون منذ أشهر بأية وسيلة لزعزعة الإستقرار والأمن في البلاد والشروع، في مسلسل العنف، معتقدين بإمكانية شل مؤسسات الدولة.. »·· وكان البلاغ مباشرا في اتهمامه لعباسي مدني بالعمل على بث الفوضى وخلق جو متوتر لزعزعة الأمن والاستقرار، ثم أصدرت وزارة الداخلية في يوم 2 جوان بيانا آخر تحدثت فيه عن فشل الاضراب العام الذي شنه حزب عباسي مدني ·· أما الجنرال العربي بلخير فلقد جلس، إلى جانب قياديين عسكريين، إلى الشاذلي بن جديد وعرضوا عليه، من جديد، المشهد الأمني بكل تفاصيله ·· ففهم الرئيس الرسالة، وقال »لابد لهذه المهزلة أن تنتهي » ·· وعندئذ تأكد الجنرال بلخير أن غريمه مولود حمروش هو في عداد الراحلين·· إستدعى الرئيس الشاذلي بن جديد الذي لم يذق لحظة راحة، ولم يطرق جفنه، طيلة هذه الأيام الطويلة، الطويلة جدا من الإضطراب، إلى مكتبه ·· كان مولود حمروش يدري أن هذا الاستدعاء ينطوي على شيء غير مفرح، لكنه راح يوطد النفس ليبدو أمام الرئيس واثقا من نفسه، وقادرا على كسب ثقته، وإن كان يدرك أن المهمة ليست تماما بالسهلة أو اليسيرة ·· ساد اللقاء صمت ثقيل ·· وكان الرئيس شديد الشحوب ·· حاول مولود حمروش أن يبادر بالحديث عن الوضع العام، لكن الرئيس أشار إليه أن يصمت، وأن يصغي إلى أسئلته المحددة، وعندئذ قال رئيس حكومة الشاذلي بن جديد·· »نعم سيدي الرئيس، أنا كلي إصغاء »·· فقال الشاذلي ببرودة تشوبها المرارة والكآبة »لماذا أخفيت عني الحقائق » .. حاول مولود حمروش الدفاع عن نفسه، وعن وفائه للرئيس، لكن الرئيس أسكته من جديد، ثم قال مخاطبا مولود حمروش دون التحديق في وجهه مباشرة »لقد عرض الإخوة في أجهزة الأمن تقارير تفيد بأن الدولة قد انتهت أو هي على وشك التلاشي »·· فقال حمروش وهو يحاول أن يبدو هادئا وواثقا من نفسه »هذا ليس صحيحا يا سيدي الرئيس، الوضع ليس خطيرا لهذه الدرجة، أصبحنا نتحكم في الأمور بشكل طيب ·· ولذا لا أرى مدعى للشك والقلق ·· ولا ضرورة لتدخل الجيش من جديد » حاول مولود حمروش أن يعرض على الرئيس استراتيجيته ونظرته للأمور، لكن قاطعه الرئيس، من جديد، قائلا له »أظن أنك في حاجة إلى خلود للراحة يا سي مولود » ·· كاد مولود حمروش، وهو يستمع إلى جملة الرئيس القاتلة، أن يفقد توازنه، لكن بذل ما في وسعه وقدرته ليبدو منسجما وهادئا ·· ثم قال بحزن »نعم سيدي الرئيس، سأقدم إستقالتي ·· لكنني أنا رهن إشارتك يا سيدي الرئيس ·· فأنا شاكر لك كل الثقة التي وضعتها في ·· وسأبقى رجلك الوفي في كل وقت·· ».
|
2 février 2010
Non classé