RSS

Taous Amroucche بعد أزيد من ثلاثة عقود عن رحيلها :الجزائر تأبى العرفان لطاوس عمروش

21 janvier 2010

LITTERATURE

بعد أزيد من ثلاثة عقود عن رحيلها :الجزائر تأبى العرفان لطاوس عمروش

الجزائر تأبى العرفان لطاوس عمروش

إن الحديث عن أي فرد من عائلة  »آل عمروش » ليس بالأمر الهيـّن، كوننا بصدد إلقاء الضوء على أزيد من نصف قرن من الإبداع في المجال الأدبي الثقافي والنضال لإحياء الهوية الحقة، وكذا من الصمود أمام النسيان والتهميش والمنفى· فقد كان ثلاثي  »آل عمروش » من صفوة المثقفين الجزائريين بعد نهاية حرب التحرير، إلا أن جزائر الاستقلال أدارت لهم ظهرها، لا لشيء سوى لانتمائهم لدين مختلف، دين المستعمر، فاختاروا المنفى في أرض الله الواسعة، والحنين إلى الوطن يقطع أوصالهم، إلى أن رحلوا في غربتهم دون أن تلتفت الجزائر إلى ذكراهم وإلى أحلامهم وطموحهم·

طاهر أوشيحة



طاوس عمروش أو  »لويز ماري »، اسمها الكاثوليكي، كانت واحدة من هؤلاء النساء القليلات اللواتي عرفتهن الجزائر من جيل المثقفات السابقات لجيلهن، كيف لا وهي ابنة أول امراة مثقفة على مستوى القارة الإفريقية، مثقفة بالمعنى الحقيقي للكلمة، المرأة التي زرعت في أبنائها حب الوطن وثقافة الأجداد والقيم العالمية والإنسانية، حرصا منها أن تترك بصمتها الخاصة في حياتهم· فكان تعلق طاوس والمهوب بوالدتهما كبيرا، وقد كان لطاوس شرف أن تكون أول روائية جزائرية من خلال رواية  »جوسينث نوار » عام 1947 التي كتبتها بأسلوب حيوي ينم عن تأثرها بالثقافة الشفهية التي تركت فيها بصماتها، والتي نقلت لها من طرف والدتها، وكذلك من خلال تجربتها الإنسانية· كما ردت الجميل لوالدتها من خلال كتاب بعنوان  »مارغريت طاوس »، حيث جمعت اسم والدتها الكاثوليكي واسمها هي الأمازيغي· وكان للطاوس عدة روايات· وبالموازاة مع إبداعها الأدبي، كانت أيضا فنانة من الطراز الرفيع، حيث أدت العديد من الأغاني البربرية الأصيلة في قالب الأوبرا  »أشويق »، نصوص تلك الأغاني التي جمعها وترجمها أخوها  »جون المهوب » إلى اللغة الفرنسية في كتاب  »الأغاني البربرية »· هذا الطابع الغنائي الذي اشتهرت به طاوس ومثلت به الجزائر في العديد من المحافل الدولية، على غرار مهرجان داكار للفنون السمراء عام 1966. كما عرفت طاوس بنضالها من أجل إحياء الثقافة والهوية الأمازيغية من وجهة نظر ثقافية واجتماعية بحتة، وساهمت في تأسيس الأكاديمية الأمازيغية بباريس عام 1966. إلا أنها انسحبت منها لاحقا مع بداية تسييس القضية الأمازيغية، الشيء الذي عارضته بشدة هذه هي طاوس عمروش وهكذا كانت مواقفها· فالبرغم من كونها مثقفة، إلا أنها كانت شخصية خرافية تبدو وكأن روحها بعثت من السنين الغابرة، حيث قال عنها أندريه بروتون خلال لقائه بها:  »إنها الملكة نيفرتيتي بعثت في زمن آخر »، حيث كانت تحمل في شخصيتها تلك التراجيديا التاريخية التي لا نشعر بها إلا عند قراءتنا عن تلك الشخصيات التاريخية والآلهة القديمة التي تمزج بين الخيال والخرافة·

وعن حياتها الخاصة، فقد ارتبطت طاوس بفنان تشكيلي فرنسي، أندريه بورديل، ليفترقا فيما بعد· ولدت لها ابنة وحيد  »لورانس بورديل عمروش »، والتي كانت هي الأخرى شديدة الارتباط والولع بشخصية والدتها التي قالت عنها في إحدى شهاداتها:  » لقد كنت جد قريبة من أمي·· يصعب عليّ نطق كلمة أمي، بالنسبة لي هي طاوس، لأنها ليست ملكية خاصة بي، فقد كان هناك فرق كبير بين تلك الراهبة التي كانت تتألق على خشبة المسارح منتعلة الكعب العالي الذهبي اللون بقامتها التي لا تتجاوز مترا وثمانية وخمسين سنتمترا، تلك المرأة العملاقة الملكة الخرافية· وبين الأم التي عشت معها تحت سقف واحد، فقد كانت وكأنها تنتمي لعالم آخر، وهو الشيء الذي يميزها عن غيرها من النساء اللواتي يكتبن ويغنين·· كانت وكأنها من زمن آخر، عنيفة، ومرهفة الحس، تميل إلى التملك، إلا أنها تتوق إلى الحنان والرقة·· كانت شخصا يجمع عدة نقائض في شخصية واحدة، فقد عانت لمدة طويلة من المنفى وازدواجية الهوية، كما عانت لأنها لم تعرف في حياتها حب رجل·· أعترف أنها كانت فعلا شخصا رائعا، وقد توفيت بين ذراعيّ· وخلال كل تلك الفترة التي احتككت بها، كنت مطلعة جدا عمّن تكون فعلا·· لم نتناقش عن أشياء عديدة لسوء الحظ، فهي كانت تريد حمايتي، وأنا لم أكن فضولية لأطلب منها المزيد·· لم أقرا كتاب >قصة حياتي< إلا بعد وفاتها·· فعلا، كانت تريد حمايتي من معاناة ازدواجية الانتماء، فكانت تكرر دائما لي: أنت فرنسية، أنت فرنسية·
طاوس كانت بمثابة إلهة إغريقية غامضة، على عكس والدتها فاطمة آث منصور التي كان شعاع شمس أو قطرة ندى على أوراق زهرة، أو ضحكة طفل كافية لتنسيها كل همومها· أما والدتي، فكانت مثل طاحونة، وكانت جعجعتها الدائمة وطحينها هما الزاد الذي يغذي كتاباتها »·

الجزائر لا تبالي

مباشرة بعد الاستقلال، كانت طاوس عمروش مهمشة من طرف السلطات الجزائرية، وكذا من طرف الطبقة المثقفة الجزائرية التي أرادت أن تضع  »آل عمروش » في طي النسيان· لذا، لم تتردد على بلادها كثيرا، فقد تمت دعوتها في نهاية الستينيات من أجل إلقاء محاضرة حول أخيها  »جون المهوب عمروش »، كما عادت مرة أخرى بدعوى رسمية من طرف الطالب الإبراهيمي الذي كان يشغل آنذاك منصب وزير الثقافة والإعلام، كما طـُلب منها أن تكون ضيفة شرف خلال المهرجان الثقافي الإفريقي للموسيقى والشباب الذي احتضنته الجزائر عام 1966 لكن دون أن تغني فيه، الشيء الذي رفضته وردت عليه بنشرها لمقال مطول على صفحات جريدة  »لوموند » الفرنسية· وبالرغم من ذلك، فإنها تحدت السلطات الجزائرية وقدمت وغنت في المهرجان أمام الملايين من المشاركين فيه وأمام الشباب والطلبة الجزائرين· ومن تلك الفترة، بدأت تسوء علاقتها مع الجزائر· وفي زيارتها الثالثة شبه الرسمية، فتحت طاوس النار على العديد من الوزراء والمسؤولين الجزائريين وانتقدتهم بشكل مباشر ولاذع، وقد تم توقيفها بالمطار، ولم يطلق سراحها إلا بعد تدخل  »رضا مالك » الذي كان آنذاك سفير الجزائر في باريس· ومنذ تلك الحادثة، انتهى الأمر ولم تطأ رجلها أرض الوطن، لأنها فضلت صون كرامتها وعدم تحمل ذل السلطات الجزائرية التي تحاملت عليها من خلال تهميشها في العديد من المحافل، وعمدت حتى إلى طمس سيرتها· وكان مصير أخيها المهوب نفس، فقد قامت السلطات بإخفاء تسجيلات الفنانة التي قامت بها في استوديوهات إذاعة القناة الثانية، ولا يعرف إن أتلفت أو ماذا صنع بها· كما أن طاوس لم تعد إلى تونس، مسقط رأسها، إلا أنها كانت تزور المغرب باستمرار، حيث تلقت عدة دعاوى رسمية من طرف القصر الملكي المغربي، إلى أن توفيت بعد صراع طويل مع داء السرطان في الثاني من أفريل عام 1976 بسان ميشال أين دفنت، وأوصت أن لا يكتب على شاهد قبرها أي شيء سوى  »طاوس »· ولحد الآن، لا تزال طاوس عمروش غير معروفة من طرف العديد من الجزائريين، خاصة من الجيل الجديد· فالبرغم من وجود عدة جمعيات تنشط في إطار الحفاظ على الموروث الثقافي والأدبي للشخصية، إلا أن الجهات الرسمية لم تحرك ساكنا في دعم تلك الجهود· ولعل الصراع الدائر حاليا بين عدة جمعيات وبين السلطات حول إطلاق اسم  »طاوس عمروش » على دار الثقافة ببجاية، خير دليل على نكران الجميل وإدارة الظهر لمن كانت لتمثل معلم من معالم الثقافة والهوية الجزائرية، وشخصية تعتز بها جزائر التفتح والتنوع الثقافي، لتبقى ابنة  »إغيل أعلي » ببجاية رمزا من تلك الرموز التي يتحامل ناكرو الجميل على طمسها·

À propos de Artisan de l'ombre

Natif de Sougueur ex Trézel ,du département de Tiaret Algérie Il a suivi ses études dans la même ville et devint instit par contrainte .C’est en voyant des candides dans des classes trop exiguës que sa vocation est née en se vouant pleinement à cette noble fonction corps et âme . Très reconnaissant à ceux qui ont contribué à son épanouissement et qui ne cessera jamais de remémorer :ses parents ,Chikhaoui Fatima Zohra Belasgaa Lakhdar,Benmokhtar Aomar ,Ait Said Yahia ,Ait Mouloud Mouloud ,Ait Rached Larbi ,Mokhtari Aoued Bouasba Djilali … Créa blog sur blog afin de s’échapper à un monde qui désormais ne lui appartient pas où il ne se retrouve guère . Il retrouva vite sa passion dans son monde en miniature apportant tout son savoir pour en faire profiter ses prochains. Tenace ,il continuera à honorer ses amis ,sa ville et toutes les personnes qui ont agi positivement sur lui

Voir tous les articles de Artisan de l'ombre

S'abonner

Abonnez-vous à notre newsletter pour recevoir les mises à jour par e-mail.

Les commentaires sont fermés.

Académie Renée Vivien |
faffoo |
little voice |
Unblog.fr | Annuaire | Signaler un abus | alacroiseedesarts
| Sud
| éditer livre, agent littéra...