استبعاد لحسن يثير الشكوك والتساؤلات: هل خضع سعدان للمساومة؟
لم تحمل القائمة التي أعلن عنها المدرب الوطني رابح سعدان أي مفاجأة تذكر، حيث جاءت كل الأسماء مطابقة تقريبا لتوقعات المتتبعين، ويبقى الاستثناء الوحيد هو غياب اسم الوجه الجديد للمنتخب الوطني لحسن مهدي الذي أسال الكثير من الحبر، غداة الإعلان عن قبوله الدفاع عن الألوان الوطنية، وترسيم حضوره في التربص القادم لمنتخبنا بفرنسا، غير أن ذلك لن يحدث بعد أن أعلن عدم جاهزيته للمشاركة في كأس إفريقيا لأسباب شخصية تتعلق أساسا بزوجته الحامل التي تنتظر مولودا جديدا، غير أن الخلفيات الحقيقية لإحجامه عن قبول الدعوة ورفض إدراج اسمه من طرف سعدان تبقى مجهولة، وقد تكون وليدة المساومة التي تعرض لها المدرب الوطني من طرف بعض اللاعبين.
أكد المدرب الوطني رابح سعدان بأنه لم يجد حلا رفقة المعني بالأمر لهذه القضية، الأمر الذي أرجأ معه موضوع انضمامه من عدمه إلى ما بعد تظاهرة كأس إفريقيا للأمم، ليطوى حينا ملف لحسن في انتظار حلقات جديدة في الأشهر القادمة.
ووسط هذا الجدل الذي ميز الفترة الأخيرة حول القائمة التي فضلها سعدان للعودة إلى المنافسة الإفريقية التي غبنا عنها مرتين متتاليتين يبقى التساؤل مطروحا حول الوجه الذي سيطالعنا به المنتخب الوطني في أنغولا، وهو الذي خالف كل التوقعات وكسب تأشيرة التأهل إلى المونديال عن جدارة واستحقاق، وهو ما فتح الشهية للاعبين والطاقم الفني وحتى الأنصار الذين باتوا اليوم يتابعون خطوات النخبة الوطنية ويأملون في تألقها وبروزها في كأس إفريقيا للأمم، وهناك من المتفائلين من ذهب إلى ترشيح الخضر للظفر باللقب الإفريقي، وينتظر الموعد بشغف كبير.
وفي المقابل فضل المدرب سعدان عدم الوقوع في فخ الوعود الأولية التي تسبق عادة المنافسة، وأكد بأن الإنجاز الكبير الذي حققه منتخبنا الوطني لا يترجم فعلا المستوى القاري الذي يسمح له بالفوز بالتاج الإفريقي، وأكد بأن هناك عدة نقائص ما تزال موجودة وهي تحتاج إلى وقت طويل لتحسينها وتطورها، في إشارة منه إلى نقص الانسجام وانعدام إيقاع لعب كبير في المنتخب الوطني يؤهله للتنافس على اللقب أمام منتخبات تفوقه قوة في هذه الجوانب ومرشحة هي الأخرى للظفر باللقب الإفريقي.
وفي جانب آخر يرى سعدان بأن تأشيرة التأهل إلى الدور الثاني ستكون صعبة للغاية في ظل وجود منتخب البلد المنظم أنغولا الذي سيكون بالتأكيد في الدور الثاني، وتبقى الورقة الثانية محل صراع بين منتخبات الجزائر، مالي وملاوي، وهو ما يجعل مهمة الظفر بها غير مضمونة، خاصة وأن المنتخب المالي يملك تشكيلة قوية تزخر بنجوم عالمية تلعب في أندية محترفة مشهورة، وتأتي قراءة المدرب سعدان لحظوظ المنتخبات الأربعة المشكلة للمجموعة لتذكرنا بما أفصح عنه عشية وقوع منتخبنا في مجموعة مصر، زامبيا ورواندا عندما قال بأن هدفنا هو العودة أولا إلى المنافسة الإفريقية التي لم نحضرها في المناسبتين الأخيرتين، وأن التأهل إلى المونديال يبقى أمرا صعبا للغاية وسنعمل على التنافس على التأشيرة العالمية إلى آخر مقابلة، والنتيجة التي خرج بها منتخبنا الوطني بددت تخوف سعدان باعتبارنا وصلنا إلى كأس العالم وبطريقة رائعة ومستحقة ولا غبار عليها بعد 24سنة من الغياب.
تحفظ سعدان.. هل له ما يبرره؟
لعل أول قراءة يمكن القيام بها قصد معرفة ماهية التصريحات التي فضل سعدان كذلك هذه المرة اعتمادها وإيصالها للرأي العام الكروي بصفة عامة قبيل انتقاله إلى مرحلة جديدة من رحلته المتجددة مع المنتخب الوطني، هي أن المعني بالأمر لا يريد أن يقدم وعودا في منافسة بحجم كأس إفريقيا التي تجمع خيرة المنتخبات في القارة السمراء، والتي اعتادت لعب الأدوار الرئيسية وتملك من الإمكانات التقنية ما يؤهلها للبروز والتألق، ناهيك عن الفرديات التي تنفرد بها والتي تعد من خيرة النجوم العالمية، وفوق كل ذلك تملك نفس الطموح الذي يراودنا في لعب الأدوار الأولى، ولها كذلك من التجربة ما يجعل طموحها مشروعا على الأقل قبل بداية المنافسة.
والثابت أن المدرب سعدان سيحاول استغلال الفترة الإيجابية التي تمر بها بعض العناصر الوطنية حاليا لتوظيفها في الاختيارات التكتيكية والتقنية التي سيعتمد عليها في أنغولا، وسيسعى لاستغلال بعض نقائص منافسيه لإحراز نتائج طيبة على منوال ما نجح فيه في التصفيات، وحتى إن اشتكى من ضيق الوقت والإرهاق الذي تعاني منه أسرة المنتخب الوطني جراء المجهودات التي بذلت على مستوى كل الجبهات خلال الفترة الأخيرة، فإن احتمال بروز الخضر في التظاهرة الإفريقية أمر وارد جدا إذا عرف رفاق عنتر يحيى كيف يتعاملون مع خصوصيات كل مقابلة، وهو ما حاول سعدان تبيانه عندما تحدث عن حظوظنا في أنغولا، حيث يرى بأن الفرصة ممكنة لكنها غير مضمونة، وهو ما يعني أن أي نتيجة تبقى مرهونة بمدى المردود الميداني الذي سيقدمه أشبالنا.
ونظرة إلى التشكيلة التي ستدافع عن الكرة الجزائرية يمكن القول أن سعدان الذي اشتكى مرات عديدة من أننا ما يزال ينقصنا الكثير على مستوى الوسط والهجوم، نجح فقط في تدعيم القاطرة الأمامية بعنصر جديد ممثلا في المهاجم عبد المالك زياية، الذي أبان عن إمكانات كبيرة في السنوات الأخيرة مع ناديه وفاق سطيف خاصة في المناسبات الإقليمية والقارية وانضمامه إلى المنتخب الوطني كان منطقيا، لكن على مستوى الوسط لم يستطع الاستفادة من تواجد اللاعب مهدي لحسن في التشكيلة للأسباب المذكورة، وبالتالي فإن تركيبة خط الوسط تبقى دون تغيير يذكر، اللهم إذا أراد سعدان إيجاد ميكانزمات جديدة بإعادة توزيع الأدوار في هذه المنطقة أو تجريب عناصر جديدة مثل جمال عبدون الذي لم تعط له الفرصة لحد الآن، ومايزال ينتظر فرصته.
كما أن مشكل الانسجام ما يزال يشغل بال المدرب سعدان، حيث أكد أن الوصول إلى مرحلة متقدمة من خلق الانسجام بين المجموعة يحتاج إلى وقت طويل، وهو الأمر الذي ما يزال لم يتحقق بعد بفعل قصر مدة تواجد العناصر مع بعضها والتي لا تزيد عن السنتين، وكذا قلة التربصات واللقاءات الودية المرتبطة أساسا بمواعيد الفيفا، وحول هذه النقطة توجد المنتخبات المشاركة في موعد أنغولا في أحسن رواق باعتبارها تملك تشكيلات اعتادت اللعب مع بعضها البعض لسنوات طويلة.
وإذا كان المنتخب الوطني قد استطاع تحقيق إنجازات كبيرة بتأهله إلى كأس العالم، فإن ذلك، حسب المدرب سعدان، يعود إلى الإرادة الفولاذية التي أبان عنها اللاعبون خلال التصفيات، خاصة أثناء الدور الثالث، حيث تزامنت النتائج الطيبة التي سجلها الخضر مع ازدياد حماس العناصر التي حققت إنجازا تاريخيا في وقت قياسي، وهي التي كانت حظوظها في بداية المشوار جد ضئيلة في الوصول إلى نهائيات كأس العالم.
بقيت الإشارة إلى أن ما ينتظره الجمهور الكروي هو تشريف الكرة الجزائرية ومواصلة التألق والذهاب بعيدا في الموعد الإفريقي الذي يبقى محطة تقييمية لمستوانا قاريا قبل المشاركة دوليا في جنوب إفريقيا الصيف القادم. ¯
حسن. ب
13 janvier 2010
Non classé